ربّما لم يُثِرْ أيُّ جزء من الإنجيل جدلاً ونقاشًا بقدر ما يُثيره لقب ’ابن الله‘ الذي يُطلَق على النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام) بشكلٍ متكرِّرٍ في الإنجيل. إنّ استخدام هذا المـــُصطَلَح في الإنجيل هو على الأرجح السبب الرئيسيّ الذي يجعل الكثيرين يظنّون أنّ الإنجيل مُحَرَّف. إنّي أنظرُ إلى مسألة تحريف الإنجيل استنادًا إلى ما جاء في القرآن الكريم (هنا)، والسُنَّة النبويَّة الشريفة (هنا)، وكذلك النقد العلميّ للنصوص (هنا). كانت النتيجة التي خرجتُ بها من هذه الأدلّة ساحقة، وهي أنّ الإنجيل غير مُحرَّف. ولكن في هذه الحالة، ما الذي نفعله بمُصطَلح ’ابن الله‘ الذي يظهر في الإنجيل؟
هل يتعارَض هذا مع وحدانيَّة الله كما عبَّرت عنه سورة الإخلاص؟ (سورة 112)
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.
(سورة الإخلاص 112)
:وكما في سورة الإخلاص، تؤكِّد التوراة أيضًا على وحدانيّة الله حين أعلن النبيّ موسى، عليه السلام
’’اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.
(تثنية 6: 4)
كيف نفهم إذن عبارة ’’ابن الله‘‘؟
في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدّي مجرّد سماع كلمة دون محاولة فهم معناها إلى استنتاجٍ غير صحيحٍ. على سبيل المثال، تُواجَه كلمة ’جهاد‘ التي تتَرَدَّد كثيرًا في وسائل الإعلام، بردِّ فعلٍ قويٍّ وانفعاليّ مناهض مِن قِبَل العديد من أصدقائي هنا في الغرب. لقد قادتهم هذه الوسائل إلى الاعتقاد بأنّ الكلمة تعني ’مقاتل مجنون‘، ’يقتل أُناسًا أبرياء‘، أو فكرةٍ ما مماثلة. في الواقع، سوف يعرف أولئك الذين يخصِّصون الوقت الكافي لفهم الكلمة، أنها تعني ’صراع‘ أو ’جهد‘، ويمكن أن يكون نضالاً ضدّ قوى عديدة ومتنوِّعة. وقد يكون الجهاد صراعًا شخصيًّا مع الخطيئة والتجربة أو الإغراء. غير أنّ استخدامه على نطاقٍ واسعٍ في وسائل الإعلام التي تركّز فقط على موضوعٍ واحدٍ هو ’القتل‘ و ’القتال‘، قد أدّى إلى بروز فهمٍ مشوَّه للكلمة. كان من الحكمة بالنسبة إليهم أن يفهموا مجموعة المعاني. ينبغي ألاّ نقع في الخطأ نفسه في ما يتعلَّق بعبارة ’ابن الله‘. في هذا المقال، سوف نتناول هذه العبارة ونفهم مصدرها وما تعنيه وما لا تعنيه. على أقلِّ تقدير، سوف نكون بعد ذلك في موقفٍ مُطَّلِع أو مستنير يُمكّننا من الردّ على هذه العبارة و على الإنجيل
ما مصدر مُصطَلَح ’ابنُ الله‘؟
سوف يُفاجأ الكثيرون تمامًا بمعرفة أنَّ مُصطَلَح ’ابنُ الله‘ هو لقب، وأنّ الإنجيل ليس مصدره على الإطلاق. لم يبتكر كتبة الإنجيل هذا المـــُصطَلَح، ولم يكونوا هم مَن بدأ باستخدامه. ولا كان المسيحيّون هم من اخترعوه. نحن نعرف هذا لأنَّ استخدامه الأوَّل كان في الزبور، قبل وجود تلاميذ عيسى المسيح (عليه السلام) أو المسيحيّين بزمنٍ طويلٍ، في الجزء الموحى للنبيّ داود (عليه السلام) حوالي 1000 عام قبل الميلاد. دعنا نرى أين حدث ذلك أوَّلاً.
2 قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ، (= المسيَّا = Christ) قَائِلِينَ:
3’’لِنَقْطَعْ قُيُودَهُمَا، وَلْنَطْرَحْ عَنَّا رُبُطَهُمَا‘‘.
4 اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.
5 حِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ بِغَضَبِهِ، وَيَرْجُفُهُمْ بِغَيْظِهِ.
6 ’’أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي‘‘.
7 إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قَالَ لِي: ’’أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.
8 اسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثًا لَكَ، وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكًا لَكَ.
9 تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ‘‘.
10 فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ.
11 اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ.
12 قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. (مزمور 2)
ألقاب يسوع: البدائل المنطقيَّة
نرى هنا أنّ هناك حوارًا بين ’الربِّ‘ و ’مسيحه‘. ونرى كذلك في الآية 7أنّ ’الربَّ‘ (أي الله) يتكلَّم ويقول للممسوح ’… أنتَ ابني، أنا اليوم ولَدْتُكَ…‘ ويتكرَّر هذا في الآية 12 حيث يحثُّنا على أن ’نُقبِّل ابنه…‘ كما ترون، بما أنّ الله يتكلَّم ويدعوه ’ابنه‘، فهذا هو المصدر الذي جاء منه لقب ’ابن الله‘. لــِمَنْ أُعطيَ/ أو أعطى الله هذا اللقب ’ابن؟ لقد أعطاه لمسيحه‘. بعبارةٍ أُخرى، استُخدِم لَقَب ’ابن‘ بالتبادل مع صفة ’ممسوح‘ خلال الفقرة. وقد رأينا أنّ الممسوح = المسيَّا = المسيح = Christ، وأنّ هذا المزمور هو أيضًا مصدر جاء منه لقب ’المسيَّا‘. بعبارةٍ أُخرى، إنَّ أصل لقب ’ابن الله‘ يعود في منشأه إلى الفقرة المحدّدة نفسها التي نجد فيها جذور تسمية ’مسيح‘ أو ’Christ‘ – في كتابات الزبور الموحى بها والتي دُوِّنَت قبل 1000 عام من مجيء النبيّ عيسى المسيح (عليه السلام)
.إنَّ معرفتنا لهذا الأمر يُتيح لنا أن نفهم التُهَم التي وُجِّهَت إلى عيسى أثناء محاكمته. إليكم في ما يلي كيف قام قادة اليهود باستجوابه في محاكمته
يسوعالعناوين: البدائل المنطقية
66 وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ، وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ 67 قَائِلِينَ:’’إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!‘‘.
فَقَالَ لَهُمْ: ’’إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، 68 وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي. 69 مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ‘‘.
70 فَقَالَ الْجَمِيعُ: ’’أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟‘‘ فَقَالَ لَهُمْ: ’’أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ‘‘.
71فَقَالُوا: ’’مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ‘‘. (لوقا 22: 66-71)
سوف تلاحظون أن القادة سألوا يسوع في البداية إن كان هو ’المسيح‘ (الآية 67). إذا كنتُ أسأل شخصًا ما ’’أأنتَ فلان؟‘ فهذا يعني أنَّ لديَّ فكرة مُسبَقة عن فلان في ذهني. إنّها مجرّد محاولة لربط فلان مع الشخص الذي أتحدّث إليه. وبالطريقة نفسها، فإنّ حقيقة أن يقول القادة اليهود ليسوع ’أأنت المسيح؟‘ تعني أنّ مفهوم ’المسيح‘ كان لديهم مُسبَقًا في أذهانهم. كان السؤال الذي طرحوه يتعلَّق بربط لقب ’المسيح‘ بشخص عيسى. ولكنّهم أعادوا بعد ذلك صياغة السؤال بعد بضع جملٍ ليُصبح ’أأنتَ ابن الله إذن؟‘ لقد كانوا يتعاملون مع لقَبَي ’المسيح‘ و ’ابن الله‘ باعتبارهما مترادفَين وقابلَين للتبادل. كان هذان اللقبان وجهَين لعملةٍ واحدة. (أجاب عيسى بين اللقبَين، ’ابن الإنسان‘. وهذا لقبٌ آخر يأتي من إحدى فقرات سفر دانيال الذي لا يمكننا التطرُّق إليه هنا لأنّنا نركِّز على لقب ’ابن الله‘). من أين جاء قادة اليهود بفكرة الترادف بين لقَبَي ’المسيح‘ و ’ابن الله‘؟ لقد حصلوا عليها من قراءة مزمور 2 – الموحى به قبل مجيء ’يسوع‘ بألف عام. بعبارةٍ أُخرى، كان من الممكن ولا يزال من الممكن منطقيًّا ألاّ يكون يسوع ’ابن الله‘ إذا كان أيضًا ليس هو ’المسيح‘. وكان هذا هو الموقف الذي اتَّخذه قادة اليهود كما رأينا آنفًا
من الممكن أيضًا منطقيًّا أن يكون عيسى/يسوع كلاًّ من ’المسيح‘ و ’ابن الله‘. ونحن نرى هذا في كيفيّة إجابة بطرس، وهو أحد تلاميذ عيسى (عليه السلام) الرئيسيّين، عندما طُرِح عليه السؤال. وهو مدوَّنٌ في الإنجيل
13 وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:’’مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟‘‘
14 فَقَالُوا: ’’قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ‘‘.
15 قَالَ لَهُمْ: ’’وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟‘‘
16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: ’’أنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!‘‘.
17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: ’’طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 16: 13-17)
يجمع بطرس بين لقبَي ’’المسيّا‘‘ و ’ابن الله‘ بشكلٍ طبيعيّ لأنّ ذلك كان ثابتًا ومعتَرفًا به عندما ورد اللقبان في الأصل في سفر المزامير (الزبور). قَبِلَ يسوع تصريح بطرس باعتباره موحى من الله. يسوع هو ’المسيّا‘ وبالتالي هو أيضًا ’ابن الله‘
ولكن من غير الممكن، وهو حتّى يتناقض ذاتيًّا، أن يكون يسوع هو ’المسيح‘ ولكن لا يكون ’ابن الله‘ لأنّ المصطلحَين يأتيان من المصدر نفسه ويعنيان الشيء نفسه. من شأن ذلك أن يكون شبيهًا بأن تقول أن شكلاً معَيَّنًا هو ’دائرة‘ ولكنّه ليس ’مستديرًا‘. يمكن أن يكون الشكل مربّعًا، وبالتالي لا يمكن أن يكون دائرة ولا مستدير الشكل. ولكن إذا كان شيءٌ ما على شكل دائرة فهو بالتالي مستديرٌ أيضًا. إنّ الاستدارة هي جزءٌ ممّا يعنيه أن يكون الشكل دائرة، والقول بأنّ شكلاً معيَّنًا هو دائرة ولكنّه ليس مستديرًا هو كلامٌ غير مترابط، أو يُشير إلى سوء فهم ما تعنيه كلمتَي دائرة واستدارة. والشيء نفسه يصحّ بالنسبة إلى لقَبَي ’المسيح‘ و ’ابن الله‘. يسوع هو ’المسيّا‘ و ’ابن الله‘ (تأكيد بطرس) أو إنّه لا هذا ولا ذاك (وجهة نظر القادة اليهود في تلك الأيّام)؛ لكنّه لا يمكن أن يكون أحدهما ولا يكون الآخر
ما معنى ’ابن الله‘؟
فما معنى ذلك اللقب إذًا؟ يظهر دليلٌ في الطريقة التي يقدِّم فيها العهد الجديد شخصيّة يوسف، وهو أحد أوائل التلاميذ (ليس يوسف في زمن فرعون) وكيف استخدم عبارة ’ابن…‘ تقول الآية
36وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ’’ابْنَ الْوَعْظِ‘‘، وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، 37إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. (أعمال 4: 36-37)
سوف ترون أنّ لقب ’برنابا‘ يعني ’ابن الوَعظِ‘. هل يقول الكاتب إنّ اسم أبيه الحرفيّ كان ’الوَعْظ‘ وإنّ هذا هو سبب تسميته ’ابن الوَعظِ‘؟ بالطبع لا! ’الوَعْظ‘ هو مفهومٌ مجرَّد من الصعب تحديده، ولكن من السهل فهمه من خلال رؤيته في حياة وسلوك شخصٍ. في هذه الحالة، من خلال النظر إلى حياة وشخصيّة يوسف، يمكن لشخصٍ ما أن ’يرى‘ الوعظ في الممارسة، وبالتالي، يفهم ما يعني ’الوعْظ‘.الطريقة بهذا المعنى، يوسف هو ’ابن الوَعْظ‘. إنّه يمثّل ’الوَعْظ‘بطريقة معيشته
’’الله لمْ يَرَه أَحَدٌ قَطٌّ‘‘ (يوحنا 1: 18). ولذلك فإنّه من الصعب بالنسبة إلينا أن نفهم حقيقةً صفات وطبيعة الله. إنَّ ما نحتاج إليه هو رؤية الله متمثّلًا بطريقةٍ حيّة، ولكنّ ذلك مستحيل بما أنّ ’الله روح‘ وبالتالي لا يُمكن أن يُرى. هكذا يُلخِّص الإنجيل ويشرح مغزى حياة يسوع وشخصه مع هذا الخطّ من التفكير باستخدام كلٍّ من لقب ’كلمة الله‘ و ’ابن الله‘
14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا…
16وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. 17لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا. 18اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ. (يوحنا 1: 14-18)
بعبارةٍ أُخرى، كيف لنا أن نعرف نعمةَ الله وحقّه؟ إنّنا نراهما في حياة يسوع (عليه السلام) الحقيقيّة بالجسد والدم. كان بإمكان التلاميذ أن يفهموا ’نعمة وحقّ‘ الله من خلال رؤيتهما في يسوع. إنّ الشريعة ووصاياها لا يمكن أن تقدّم لنا ذلك المثال المرئيّ
الابن … الآتي مباشرةً من الله
هناك استخدامٌ آخر لمصطلح ’ابن الله‘ يساعدنا أيضًا على أن نفهم بصورةٍ أفضل ما يعنيه في ما يتعلّق بعيسى/يسوع (عليه السلام). يُسجِّل إنجيل لوقا نسب (من الأب إلى الابن) يسوع بالعودة بشكلٍ مباشرٍ إلى آدم. نلتقط النسب عند النهاية حيث يقول:
38بْنِ أَنُوشَ، بْنِ شِيتِ، بْنِ آدَمَ، ابْنِ اللهِ. (لوقا 3: 38)
نرى هنا أنّ آدم يُدعى ’ابن الله‘. لماذا؟ لأنّه ليس لآدم أب بشريّ؛ لقد جاء مباشرةً من الله. وكذلك لم يكن ليسوع والد بشريّ؛ فقد وُلِدَ من عذراء. كما تقول الآية أعلاه في إنجيل يوحنا، ’إنّه جاء من الآب‘ مباشرةً
’ابن اﻟــ …‘ مثالٌ من القُرآنِ الكريمِ
يستخدَمَ القُرآنُ الكريمُ تعبير ’ابن اﻟــ …‘ بطريقةٍ مماثلة للإنجيل. انظر الآية التالية:
يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلْأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا۟ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ. (سورة البقرة 2: 215)
كُتِبَت كلمة مسافرين حرفيًّا ’أبناء الطريق‘ في الأصل العربيّ (ابن السبيل). لماذا؟ لأنّ المترجمين والمفسِّرين قد أدركوا أن العبارة لا تُشير حرفيًّا إلى ’أبناء‘ السبيل، بل هي تعبيرٌ للدلالة على المسافرين – أولئك الذين يرتبطون بقوّة بالسبيل ويعتمدون عليه
ما الذي لا يُعنيه لقب ’ابن الله‘
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكتاب المقدَّس حين يستخدم المـــُصطَلَح ’ابن الله‘. ما مِن مكانٍ في التوراة أو الزبور أو الإنجيل يرِد فيه مُصطَلَح ’ابن الله‘ بمعنى أنّ الله كان على علاقة جنسيّة بامرأة ولديه، نتيجة لذلك، ابن بالمعنى الحرفيّ والماديّ للكلمة. كان هذا المفهوم شائعًا في اليونان الوثنيّة القديمة حيث كان للآلهة ’زوجات‘. ولكن لايوجد حتّى تلميحٌ لذلك في أيِّ مكانٍ في الكتاب المقدَّس. من المؤكَّد أنّ هذا الأمر سيكون مستحيلاً بما أنَّ الكتاب المقدّس يقول في أشعياء والإنجيل أنّ يسوع قد ولِدَ من عذراء – وبالتالي دون علاقاتٍ جسديّة
مُلَخَّص
رأينا هنا أنَّ النبيّ أشعياء قد تنبَّأ حوالي عام 750 قبل الميلاد أنّه في يومٍ ما في مستقبله، ستأتي آيةٌ مباشرةً من عند الربّ.
14وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ ’’عِمَّانُوئِيلَ‘‘. (اشعياء 7: 14)
بحكم التعريف، إنّ ولادة ابنٍ من عذراء لن يكون له أيُّ أبٍ بشريّ. رأينا هنا أنّ الملاك جبرائيل (جبريل) قد أعلن لمريم أنّ هذا سيكون لأنَّ ’قوّة العليّ ستُظلّلك (أنت يا مريم)‘. ولن يكون هذا من خلال علاقاتٍ آثمة بين الله ومريم – الذي من شأنه أن يكون بالفعل كفرًا (شِرك). كلاّ، هذا الابن سيكون ’مقدَّسًا‘ على نحوٍ استثنائيٍّ جدًّا، فهو ينبثق مباشرةً من الله من دون خطَّةٍ أو مجهودٍ بشريّ. سوف ينبثق مباشرةً من الله كما تصدر الكلمات عنَّا بشكلٍ مباشر. بهذا المعنى، كان المسيح ابن الله وكذلك كان كلمة الله